الأعذار! تلك المتاهة التي يلجأ إليها المرء
بمحض إرادته، يوم يقرر بقناعة تامة، أنه ضعيف وغير قادر على مجابهة نظرات المجتمع
له، أو الحد من تطاول ألسنة الناس اللادغة التي تخنقه بكلمات السخرية والاستهزاء، بسبب
تجربة فشل صادفت دربه أو التشفي من جرح علم حياته في لحظة من لحظات ماضيه.
فالثغرات الموجودة في شخصيته وانعدام تقديره
لذاته، جعلاه منكسرا أمام مجتمع انعدمت فيه الرحمة والرأفة بحال الغير. فيبقى
ملاذه الوحيد هو الأعذار، التي يتخذ منها حصنا لحمايته من رماح كلام الناس القاتل،
أو لعله يكون سبيلا لتليين قلوبهم وكسب تعاطفهم، حتى يقوموا بالتغاضي عن حاله،
وتركه ودوامة أعذاره بسلام.
لكن شعور السلام الداخلي هذا، لا يطول
استشعاره ممن يحتمي تحت ظلال الأعذار، ففي بادئ الأمر ينعم بطمأنينة وسكينة تريح
خاطره، لكن بعد ذلك تتحول هذه المشاعر إلى فرامل تحول بينه وبين تطوير ذاته،
وخروجه من منطقة الراحة الوهمية.
فالحياة ليست جنة نعيم، بل هي لعبة مليئة
بالمفاجآت والتحديات الصعبة التي لا يتحمل قساوتها أصحاب النفوس الهشة. فهي تتطلب
قوة تحمل وحكمة تجعل من تجارب الماضي مهارة تزكي حاضر المرء ومستقبله. أما استمرار
الإنسان في الاحتماء خلف الأعذار، تارة نفسية، وتارة أخرى مادية أو اجتماعية أو
غيرها من الأنواع الأخرى. فسيؤدي ذلك بالتأكيد إلى تحويل هذا الفعل من قرار إرادي إلى
عادة تترسخ في بعده اللاواعي. فيصبح الإنسان رهينة سراب الأفكار والمخاوف
السوداوية التي يصعب التحرر من شباكها بسهولة.
بثينة البحديدي
تحليل صائب و فلسفة يقبلها العقل. كل منا يمر بمرحلة في حياته يبحث خﻻلها عن مبررات قد تكون تافهة و هي فقط للهروب من مواجهة مشكل أو مشاكل معينة... أهنئك و أتمنى أن تستمري في الكتابة ﻷن أسلوبك صحيح و سلس...أجمل متمنياتي لك بمزبد من التوفيق بعون الله.
ردحذفلكم منا جزيل الشكر و التقدير على تجاوبكم الرائع و كلماتكم المليئة بالتحفيز, على أمل أن ترتقي منشورات المدونة القادمة إلى مستوى توقعاتكم .
حذف