التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أزمة ربيع العمر

    

    
في عصرنا هذا أضحى العديد من الشباب في فترة العشرينات والثلاثينات من عمرهم يعانون من اضطرابات وأمراض نفسية متعددة. وذلك نتيجة الضغوطات التي يفرضها  المجتمع عبر سنه خطا معينا وجب على أي شاب إتباعه. ألا وهو ولوج جامعة عريقة يليه الحصول على شهادة عليا ومن ثم تحصيل وظيفة ذات راتب مهم يؤمن له معايير العيش الهني. وأخيرا الانتقال الى مرحلة تأسيس عش الزوجية الذهبي وإنجاب أطفال يترعرعون وفق نفس الأفكار ومنهجية العيش الرتيبة التي فرضها مجتمع لم يعطي أهمية لقيمة المرء وجوهره، مما أدى الى تدمير كيان عدد كبير من الشباب وتحطيم ثقته بنفسه وقدراته وذلك بسبب المقارنة بالغير وإهانة تفرده واختلافه الخلاق الذي يميزه عن محيطه علما أن أكثر ما يدمر الانسان هو التقليل من قدراته وتحقير قيمته ووضعه دائما محط مقارنة تقلل من شأنه وقدره. ولكي يتمكن المرء من تخطي مجموع الأفكار السلبية والبرمجة المسبقة التي ترسخت في ذهنه والمضي قدما في حياته لتحقيق ما يطمح إليه وجب عليه إدراك قدراته الخفية الكامنة بداخله. فكل إنسان يملك هبة دفينة بداخله تنتظر اللحظة التي يتخذ فيها القرار لإيقاظها والوعي لأهميتها والمضي في استخدامها وتطويرها. لذا امنح نفسك الوقت لاستكشاف ذاتك شخصك وميولاتك, إلى ماذا تطمح في هذه الدنيا , ما هي أهدافك وما المغزى من وجودك في هذا الكون. اخلق التوازن بين جميع عناصر حياتك لا تهمل جانبا على حساب آخر. حقق الاستقرار الروحاني والنفسي في حياتك استغل وقتك مع والديك وعائلتك، قدس لحظات وجودك بينهم. تخلص من العلاقات السامة التي لا تزيدك سوى طاقات سلبية وتشحنك بأفكار ترجع بك خطوات للوراء.
   استثمر وقتك في تطوير هواياتك لتخلق لك ملاذا عندما ترهقك متاعب الدنيا. غذي روحك ونفسك بالثقافة والعلم ولا تعتمد فقط على التأطير الأكاديمي بل استعن بالتعليم الذاتي فهو مفتاح للعديد من البوابات الموصدة ولا تنسى نصيب جسدك وصحتك فإن لم تعتن بهما سيأتي يوم تتحسر فيه على إهمالك لهما. واعلم أن السعادة الحقة لا تتحقق بتركيز المرء على إسعاد ذاته فقط، فمساعدة من حولنا ولو بكلمة طيبة أو نصيحة نافعة أو حتى ابتسامة صادقة تكون كافية لتشحن همتك وتعزز ثقتك بنفسك وتحسسك بأهمية وجودك في مجتمعك. فأنت بالفعل لم تخلق عبثا لذا تقدم نحو تحقيق أحلام الصبا بكل شغف وحماس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرهاب الاجتماعي

يعد الرهاب الاجتماعي أو ما يطلق عليه بالقلق الاجتماعي، من أكثر الاضطرابات النفسية انتشارا في العالم. فالعديد من الناس يخوضون معارك يومية مع هذا المرض، دون أن يدركوا ماهيته وحقيقته. وهنالك من يخلط بينه وبين الخجل المفرط أو التوتر العابر. لكن ما هو التعريف الحقيقي للرهاب الاجتماعي وما هي الأعراض التي تمكننا من اكتشافه وتشخيصه؟ الرهاب الاجتماعي، هو مرض نفسي ينتج عنه هالة من القلق والخوف اللذان يتملكان كيان الإنسان  ويسيطران على عقله. وهذا ينعكس تلقائيا على سلوكه وتصرفاته خاصة في المواقف التي تجعل منه محط أنظار الناس وعرضة لتقييمهم وانتقاداتهم. لذلك نجد المصابين بالرهاب الاجتماعي، يتفادون بشكل دائم اللقاءات والتجمعات التي تجعلهم في احتكاك مباشر مع الاخرين. متجنبين أيضا التعبير عن آرائهم وخوض نقاشات أو أحاديث معهم، وإن وضعوا في موقف يتطلب منهم الكلام أمام الناس، انعكس القلق والتوتر على أسلوبهم التعبيري. فتصبح لديهم صعوبة في التعبير بطلاقة والتحدث بطريقة واضحة، حتى أن وتيرة الكلام لديهم تصبح سريعة جدا وغير مفهومة. وتظهر على أصحاب الرهاب الاجتماعي أعراض أخرى على المستوى ال

دوامة الأعذار

الأعذار! تلك المتاهة التي يلجأ إليها المرء بمحض إرادته، يوم يقرر بقناعة تامة، أنه ضعيف وغير قادر على مجابهة نظرات المجتمع له، أو الحد من تطاول ألسنة الناس اللادغة التي تخنقه بكلمات السخرية والاستهزاء، بسبب تجربة فشل صادفت دربه أو التشفي من جرح علم حياته في لحظة من لحظات ماضيه. فالثغرات الموجودة في شخصيته وانعدام تقديره لذاته، جعلاه منكسرا أمام مجتمع انعدمت فيه الرحمة والرأفة بحال الغير. فيبقى ملاذه الوحيد هو الأعذار، التي يتخذ منها حصنا لحمايته من رماح كلام الناس القاتل، أو لعله يكون سبيلا لتليين قلوبهم وكسب تعاطفهم، حتى يقوموا بالتغاضي عن حاله، وتركه ودوامة أعذاره بسلام. لكن شعور السلام الداخلي هذا، لا يطول استشعاره ممن يحتمي تحت ظلال الأعذار، ففي بادئ الأمر ينعم بطمأنينة وسكينة تريح خاطره، لكن بعد ذلك تتحول هذه المشاعر إلى فرامل تحول بينه وبين تطوير ذاته، وخروجه من منطقة الراحة الوهمية.   فالحياة ليست جنة نعيم، بل هي لعبة مليئة بالمفاجآت والتحديات الصعبة التي لا يتحمل قساوتها أصحاب النفوس الهشة. فهي تتطلب قوة تحمل وحكمة تجعل من تجارب الماضي مهارة تزكي حاضر المرء ومست